الوحدات الإدارية تشهد طفرة في سوق العقارات المصرية
Scroll to explore
الوحدات الإدارية تشهد طفرة في سوق العقارات المصرية
تشهد سوق العقارات المصرية نشاطاً ملحوظاً في مجال تسويق الوحدات الإدارية، بالتزامن مع الإقبال المتزايد من جانب المستثمرين على إنشاء مدن وتجمعات سكنية وإدارية جديدة، استجابة للطلبات المتزايدة على هذا النوع من العقارات، وخاصة في المدن الجديدة، وتلك المحيطة بالعاصمة الإدارية الجديدة. ويتوقع خبراء العقارات أن تشهد الفترة المقبلة زيادة في أسعار شراء وإيجار الوحدات الإدارية، ونمواً ملحوظاً لما يعرف بـ«المدن التجارية المتكاملة»، أو «Business park».
ووفقاً لتقرير أعدته شركة «جيه إل إل» للاستشارات العقارية، حول أداء السوق العقاري المصري في الربع الأول من العام الجاري 2018، ونشرته على موقعها الإلكتروني نهاية أبريل (نيسان) الماضي، فإن «المؤشرات الإيجابية للسوق العقارية في مصر أدت إلى إطلاق مشروعات لإنشاء وحدات إدارية جديدة، ومدن تجارية متكاملة».
وفي هذا الإطار أطلقت شركة «سوديك» للاستثمارات العقارية، مشروع «Eastown District New Cairo) «EDNC) بالقرب من مشروعها السكني في القاهرة الجديدة، وهو مشروع لمجمع تجاري متكامل، يتضمن 66 ألف متر مربع من المكاتب التجارية، يتخللها 22 ألف متر مربع من المساحات الخضراء، ومن المقرر الانتهاء من المشروع في عام 2021. وفي القاهرة الجديدة أيضاً أعلنت «هايد بارك» للتنمية عن إنشاء منطقة تجارية جديدة تضم 21 مبنى، تحتوي على مساحة 116 ألف متر مربع من المكاتب التجارية. كما أعلنت «ريدكون ميديكال بارك» عن المرحلة الأولى من المجمع الطبي «البروج» على مساحة 11 ألف متر مربع، ويضم مساحات مختلفة للعيادات، ومن المقرر الانتهاء منه بحلول 2020.
وتقوم فكرة الوحدات الإدارية الجديدة على عمل تجمعات تجارية متكاملة تحيط بها الحدائق، وتتوفر بها جراجات للسيارات، وتكون مجاورة للتجمعات السكنية «الكمبوندات» الجديدة، بحيث يكون العمل بجوار السكن في تجمعات سكنية مغلقة بعيداً عن الزحام.
مشروع «أوفس بارك»، الذي تنفذه شركة «هايد بارك»، يتضمن إنشاء مكاتب ووحدات إدارية فخمة، تطل على مساحات خضراء وبحيرات صناعية، بينما تنفذ شركة «سوديك» مشروع «EDNC» على مساحة 90.768 ألف متر مربع، ويتضمن مساحات للمشي والتسوق والعمل، وتعرض هذه الوحدات الإدارية للبيع بالتقسيط لمدد تصل إلى 10 سنوات في بعض الأحيان، على عكس الوحدات الإدارية القديمة التي تكون معروضة للإيجار في الغالب، وعند البيع لا تكون هناك تسهيلات في السداد.
ويعتبر الدكتور حسين الحمصاني (خبير تقييم عقاري معتمد بالبنك المركزي) انتشار هذا النوع من المشروعات سلاحاً ذا حدين، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «مشروعات الوحدات الإدارية الجديدة تتضمن مزايا كثيرة، تتفوق بها على تلك الموجودة في الأماكن التقليدية، مثل مدينة نصر ووسط البلد»، موضحاً أن «معظم الوحدات الإدارية القديمة في وسط البلد ومدينة نصر غير مرخصة للمهام التجارية، فهي في الأساس وحدات سكنية يتم استغلالها لأغراض تجارية، ولا تتجاوز نسبة الوحدات المرخصة إدارياً الـ10 في المائة، إضافة إلى أنها تقع في أماكن مزدحمة لا تتوفر فيها جراجات للسيارات، كما أن شكل المباني قديم لا يعطي إحساساً بارتفاع القيمة».
لكن في الوقت نفسه تتمتع الوحدات الإدارية القديمة بميزة تنافسية عن تلك الوحدات المزمع إنشاؤها في المدن الجديدة، وهي وفقا للحمصاني: «انخفاض أسعار الإيجارات، وسهولة الوصول إليها حيث تقع في قلب القاهرة، وسط شبكة مواصلات كبيرة»؛ لكن المشروعات الجديدة تتغلب على هذه الميزات التنافسية بتقديم تسهيلات في السداد تصل إلى 10 سنوات أحياناً، لتقليل الإحساس بارتفاع أسعار الوحدات الإدارية في المدن الجديدة.
ويضيف الحمصاني أن «سعر المتر في مناطق وسط البلد يتراوح بين 8 آلاف إلى 10 آلاف جنيه للوحدات الإدارية، بينما يتراوح سعر المتر في الوحدات الإدارية في المدن الجديدة بين 25 ألف إلى 45 ألف جنيه، وفقاً للموقع والشركة المنفذة وطريقة السداد».
وتوقع التقرير أن «تشهد الوحدات التجارية نمواً في الفترة المقبلة، في ظل ارتفاع الطلب عليها»، مشيراً إلى «وجود مساحات خضراء وأماكن واسعة وجراجات للسيارات، تعد أحد العوامل المؤثرة في أسعار وحجم الإقبال على الوحدات التجارية»، وذكر التقرير: «لهذا السبب تشهد مصر إقبالاً على إنشاء التجمعات التجارية المتكاملة أو الحدائق التجارية».
وأثناء جولة «الشرق الأوسط» على وحدات ومكاتب إدارية للإيجار في مناطق وسط البلد، تبين أن إيجارات الوحدات الإدارية في هذه المنطقة تتراوح ما بين 4 آلاف جنيه إلى 40 ألف جنيه شهرياً، وفقاً للمساحة وموقع المبنى ومستوى التشطيبات، وكلما اقترب من ميدان التحرير زاد سعره، فمثلاً عُرض مكتب مساحته 500 متر مربع في موقع متميز بجوار البنوك، للإيجار بـ40 ألف جنيه شهرياً، بينما عُرض مكتب مساحته 70 متراً بمنطقة باب اللوق للإيجار بـ4 آلاف جنيه في الشهر.
في المقابل كانت أسعار إيجار الوحدات الإدارية في التجمع الخامس مثلاً تتراوح ما بين 15 ألف جنيه، و150 ألف جنيه، حسب المساحة والموقع ودرجة التشطيب، فتم عرض فيلا كمقر إداري بإيجار شهري وصل إلى 150 ألف جنيه. وبالطبع فالموقع هو الأساس في تحديد السعر، ورغم بحث المستثمرين عن وحدات إدارية تتوفر فيها سبل الراحة والمواصلات والمساحات الخضراء في المدن الجديدة، فما زالت منطقة مثل الزمالك تتمتع بإقبال كبير وارتفاع أسعار الإيجارات، لتتساوى في بعض الأحيان مع الأسعار في التجمع الخامس، نظراً لاعتبار حي الزمالك من الأحياء الدبلوماسية الراقية.
ويقول محمد حماد، مدير شركة «بروبرتي فايندر» في القاهرة، في تقرير صدر مؤخراً عن الشركة: «تعد هذه الأماكن (الزمالك، المعادي)، مناطق مفضلة لسكن الأجانب، وعدد كبير من المصريين، بسبب موقعها المتميز، وتقسيمها المعماري الجميل».
وقال تقرير «جيه إل إل» للاستشارات العقارية، إن «هناك 68 ألف متر مربع من الوحدات الإدارية ستتم إضافتها هذا العام إلى الوحدات الإدارية الموجودة بالفعل، معظمها في (كايرو فيستفال سيتي) حيث تعد القاهرة الجديدة هي المكان الأفضل والأكثر طلباً للمكاتب الإدارية والوحدات التجارية، مقارنة بمناطق غرب ووسط القاهرة التي تشهد استقراراً في حجم الطلب، وعدم الإعلان عن مشروعات جديدة».
وأضاف التقرير أن «القاهرة الجديدة شهدت نمواً في قيمة إيجارات الوحدات التجارية، من 11 إلى 16 في المائة بسبب ارتفاع الطلب على هذه المنطقة، لقربها من المطار والعاصمة الجديدة، بينما استقرت قيمة الإيجارات في منطقة وسط وغرب القاهرة، خلال الربع الأول من العام الجاري 2018، بعد تراجعها على مدار العام الماضي، بسبب انخفاض الطلب على المكاتب الإدارية في هذه المناطق».
ويرى الحمصاني أن «عدد الوحدات الإدارية التي يتم إنشاؤها حالياً كبير جداً، مقارنة بحاجة السوق»، معرباً عن اعتقاده بأن «تكون هذه المشروعات بديلاً عن الوحدات الإدارية الحالية التي ربما يعاد استخدامها في أنشطة أخرى»؛ مشيراً إلى أن نسبة كبيرة من الإقبال على اقتناء الوحدات الإدارية في المدن الجديدة نابعة من أهداف استثمارية: «فالعقارات تعد استثماراً مضمون العوائد بالنسبة للمصريين الآن، وخاصة العقارات الإدارية». ويعتبر الحمصاني الاستثمار في العقارات «خطأ»؛ لأن «هذا النوع من الاستثمار مضمون العوائد ليس تجارة منتجة بشكل حقيقي، ويؤدي إلى تكدس الثروات في كتل إسمنتية غير منتجة».
وتستهدف مصر في نسبة كبيرة من مشروعاتها العقارية حالياً المستثمر الأجنبي، وتسعى شركات التسويق العقاري لتسويق منتجاتها، سواء سكنية وإدارية، للأجانب، لتحقيق عائدات أعلى. ورغم كل المشروعات العقارية الحالية، فما زالت التقديرات تشير إلى أن حجم المعروض أقل من حجم الطلب، في ظل الزيادة السكانية الكبيرة؛ لكن يظل ارتفاع الأسعار هو العائق الأكبر أمام المصريين، مهما قدمت الشركات من تسهيلات.